Deutsch

ملعب الغولف

ميرنا الغربي و سيري وارليش

تعتبر سياحة الغولف في مدينة مراكش سياحة مزدهرة. لكن هذا الازدهار لا ينفي كثرة التحديات…تحديات متعلقة أساسا بالإستهلاك الرشيد للمياه، تواجهها ملاعب الغولف في المغرب خاصة في السنوات الأخيرة. فملعب واحد أصبح يستهلك في يوم واحد ما يعادل كمية المياه التي تحتاجها عائلة كاملة مكونة من أربعة أشخاص على مدة 10 سنوات. هذا ما خلق تحديات متعددة لمسؤول الصيانة عبد الحق زوقار في ملعب المعدن .

عبد الحق زوقار من أوائل المسؤولين عن صيانة ملعب الغولف في المغرب، الذين اتخذو من ميدان الغولف مكانا لممارسة مهنة قد تبدو استثنائية من نوعها. وجوده في فضاء شاسع يجذب باستمرار السياح و عشاق رياضة الغولف, يجعله يشعر بمسؤولية تجاه المحافظة على هذه المساحات الخضراء التي تمتد على مساحة 72 هكتار في غولف المعدن.

أن تكون مسؤولا عن الصيانة في ملعب غولف ليست بالمهنة السهلة بل هي تتوجب الكثير من الصبر و النظام لأنك تجد نفسك مسؤولا على ادارة مساحة شاسعة تتطلب عناية مستمرة بالمعدات و أنظمة الري خاصة بعد تبني الغولف لتقنية الري بمياه الصرف المعالجة. تحديات عديدة قد تواجهه لكن هذه التحديات لا تنفي حبه و انتمائه لعالم يشعر في لبه بحرية…حرية البقاء باستمرار وسط مشاهد طبيعية بانورامية.

لكن هذه الحرية تبقي مقيدة بضرورة تحمل مسؤولية الاستهلاك الرشيد للمياه في الملعب لضمان جودة عالية للمساحات الخضراء.

مسؤولية كبرت بظهور تحديات جديدة!

تم إدخال تقنية الري باستعمال مياه الصرف المعالجة في غولف المعدن ضمن الشراكة القائمة بين ملاعب
الغولف في مراكش و مصلحة المياه التي تديرها الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بمدينة مراكش المعروفة اختصارا ب RADEEMA.هذا المشروع ولد نتيجة الإجهاد المائي المتنامي الذي شهده المغرب في العقود الثلاثة الماضية من حيث شح المياه وتدهور نوعيتها.
أزمة لوحت في الأفق فحفزت مدراء ملاعب الغولف في المدينة على السعي إلى الإستعمال الكفء لموارد المياه وتبني تكنولوجيات تصنيع جديدة، وذلك بالإستثمار في المشروع بنسبة 48% مقابل 52% من قبل الحكومة.
بدأ المشروع في نهاية سنة 2010 مزودا مياه الصرف المعالجة لستة ملاعب غولف في المدينة. لكن بتكثيف حملات توعية ذات أبعاد وطنية في المملكة من قبل صانعي هذه السياسة لنشر ثقافة استعمال مياه الصرف المعالجة، تمكن المشروع من جذب المزيد من ملاعب الغولف ليزود بالمجمع 8 ملاعب ويشجع البقية التي تعد قرابة 7 ملاعب أخرى على تبني هذه التقنية في المستقبل.
بذلك أصبحت مهمة السيد عبد الحق أصعب وأكثر مسؤولية لما طرأ من تغييرات جدية في الغولف في علاقة بالموازنة الكافية للصيانة ومعرفة الكميات اللازمة لمياه الصرف المعالجة التي يجب استعمالها بدون خلق تدهورات بيئيّة على أرضية الملعب الذي ينقسم إلى ثلاثة أنواع.
بما أن مياه الصرف محملة بمواد إضافية قد تكون مضرة، مثل المعادن الثقيلة وملوثات عضوية وغير عضوية ذائبة مثل الصوديوم، الكبريتات والكالسيوم، يجب أن تكون نوعية المياه المعالجة ذات جودة كي لا تزيد في نسبة الملوحة على أرضية الملعب خاصة أن غولف المعدن أصبح يشهد مشاكل ملوحة خفضت من نمو العشب بنسبة 50%.
لكن هذه التحديات، وإن مثلت عبئا إضافيا على عبد الحق والمسؤولين على الغولف، تبقى هذه التقنية بالنسبة إليهم الحل الأمثل لتخفيض “الإجهاد المائي” و”شح المياه” في المملكة المغربية وحماية الموارد المائية الجوفية.
تحديات عديدة لكنهم قادرون على التعايش معها!

كل التحديات التي يواجهها غولف المعدن بعد تبني سياسة الري بمياه الصرف المعالجة، لا تنفي أهمية هذه التقنية بالنسبة للغولف و لحاجيات المملكة المغربية باعتبارها حلا مستداما.
تغيرات جوهرية في الخصائص الفيزيائية و الكيميائية للتربة تظهر أساسا من خلال تدهور بناء حبيباتها و ذلك بتكوين السبخ ذو اللون الداكن و بروز اللون الأبيض على سطح الأرض في الكثير من الأماكن نظرا لاشتداد الملوحة. إضافة إلى بعض التغيرات البيولوجية لجودة المياه في الملعب، التي تتمثل في زيادة نسبة الطحالب في المياه، رسوبة في قاع البحيرات و ارتفاع نسبة العكورة. هذه التحديات لم تمثل عائقا أمام حسن إدارة و صيانة غولف المعدن بل كانت و لازلت تمثل حافزا للبحث عن حلول فعالة تجعل من هذه السياسة سياسة رشيدة تضمن مستقبلا مزدهرا لمساحات الغولف الخضراء. منذ السنة الفارطة، بدأ غولف المعدن يعمل على إيجاد طرق غير مكلفة و عالية الجودة لتخفيض نسبة الأملاح في التربة المترتّبة على الري بمياه الصرف المعالجة من أهمّها: العمل على إنشاء شبكة صرف للأرض و ذلك بتهوئة التربة و عمل أخاديد بالعمق، إضافة الجبس الزراعي أو ما يسمى بكبريتات الكالسيوم و تقليبه بالحرث في التربة أو الريّ الغزيرلأرضية الملعب دون صرف المياه سطحيا مع الري أكثر من مرة حتى يتم تبادل الأملاح الموجودة على حبيبات التربة مع الجبس الزراعي و نزولها مع ماء الصرف إلى الأسفل.
و لم يقتصر المسؤول عن الصيانة عبد الحق زوقار على اللجوء إلى هذه الحلول فقط، بل حاول أن يجد نوعا من العشب المتحمل للملوحة و هو ما يسمّيه بالعشب الإستوائي أو ما يطلق عليه باللاتيني اسم “Paspalum vagintum”.
حلول عدّة يسعى الغولف لإيجادها للحفاظ على رونق مساحاته الخصراء و حماية الثروات المائيّة في المملكة المغربية.
” نحن نعلم أنه سيكون لدينا منتج أفضل بمياه أفضل…لكن كلّ المصاعب التي نواجهها تجعلنا نصرّ على الصمود و تعلّم كيفيّة التعايش معها لضمان تنمية مستدامة لقطاع المياه و الغولف في المغرب!” هكذا أنهى مسؤول غولف المعدن السيد نيكولاس بارو كلامه معلنا عن ضرورة التحلي بالأمل في بلد قلّ فيه أمل دوام ثرواته المائيّة.