يعاني المغرب من نقصٍ حاد في موارده المائية, ويعتبر من البلدان المعنيه بخطر الاجهاد المائي الناتج عن عدة عوامل منها ظاهرة الاحتباس الحراري التي تؤدي الى تغيرات مناخية تتجلى في ارتفاع درجات الحرارة والزيادة في حجم الجفاف, وتتداخل معها عدة عوامل اخرى منها النمو الديموغرافي والتوسع الصناعي المتزايد وتلوث الموارد المائية السطحية والجوفية.
حسب تصنيف المعهد العالمي للموارد (World Resources Institute (WRI فإن المغرب يحتل المرتبة ال 19 من أصل 33 بلدا الاكثر تهديدا في العالم بالإجهاد المائي الحاد في أفق 2040.
يبلغ حجم المياه المتجددة للفرد الواحد 700 متر مكعب مقابل 2600 متر مكعب سنة 1960. ويمكن أن تنخفض إلى 500 متر مكتب بحلول 2030.
تجمع المدينة القديمة في فاس بين عراقة التاريخ والتلوث الذي يملأ شوارعها وأزقتها القديمة. يرى العابر من الشوارع الصغيرة في المدينة القديمة أنواعاً عدة من التلوث الناتج من الحرف والصناعات المنتشرة في المدينة, كما أن وادي فاس الذي يشكل معلماً مهماً للمدينة القديمة يعاني من التلوث الناتج من ضخ مخلفات المدابغ والحرف اليدوية.
يمتد وادي فاس عبر المدينة القديمة, مركز فاس التاريخي, التي يعود تأسيسها للقرن الثامن الميلادي, حيث تعتبر المدينة القديمة المركز الاقتصادي لفاس, وتتمركز فيها الصناعات الحرفية: كصباغة الجلود والحرف اليدوية المنتشرة حول الواد, حيث تم تصميم المدينة بشكل يجعل الحرف والمهن متقاربة من بعضها, اضافة لما يعانيه الواد من التلوث الناتج عن ضخ المخلفات الصناعية مباشرة في مياهه.
وتنتشر صناعة الحدادة والدباغة والصباغة والدرازة في شوارع وأحياء المدينة القديمة, كما يمكن للمتجول أن يرى أنواعًا مختلفة من الملوثات التي يتم التخلص منها مباشرة في شوارع المدينة القديمة وشبكات الصرف الصحي التي تطرح في الواد مباشرة. لقد بينت عدة دراسات علمية أن جودة مياه الواد في جزئه العلوي قبل دخوله إلى المدينة أعلى بشكل ملحوظ من جودة مياهه الخارجة من المدينة.
تعتبر مدينة فاس معلمة تاريخية وجزء من التراث العالمي٫ وهي ذات مقالم أثرية تدل على الحضارات المتلاحقة التي قطنت المدينة عبر العصور. كما تعتبر المدينة القديمة واجهة سياحية حيث لا تخلو شوارعها من السياح من مختلف أنحاء العالم.
تعتبر دباغة الجلود من الصناعات التقليدية القديمة التي تشتهر بها مدينة فاس, حيث استقرت دور الدباغة في أحياء المدينة القديمة في العهد المريني منذ 1280. وتشكل دور الدباغة معالم سياحية تشهد إقبالاً من السياح لإلقاء نظرة عليها دور الدباغة من شرف المحلات والبزارات المطلة عليها.
يتم استهلاك ما يقرب من 35-40 لتر من الماء لكل كيلوغرام من الجلد المعالج
وتنقسم صناعة الدباغة إلى قسمين: دور الدباغة التقليدية التي تستخدم المواد الطبيعية النباتية٬ ودور الدباغة الحديثة التي تستخدم الكروم والمواد الكيميائية بشكل كبير لزيادة سرعة الإنتاج والأرباح دون مراعاة لحجم التلوث الناتج عن مخلفاتها, حيث انها تنتج كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة.
تتكون النفايات السائلة المتولدة بشكل أساسي من خليط من جلود مواد حيوية (شعر، دهون، بروتينات …) وكمية كبيرة من المحتوى الكيميائي غير قابلة للتحلل البيولوجي٬ وتشكل خطورة على حياة الإنسان؛ لذلك تطرح عملية معالجة مخلفات المدابغ مشكلة بيئية جدية يجب التعامل معها بحذر ودقة.
يعمل خالد البالغ من العمر 28 عاماً بالدباغة منذ 17 سنة, حيث وصف دار دباغة شوارة التي يعمل فيها منذ صغره قائلاً: “دار شوارة مثل الام بالنسبة لنا”. وعلى الرغم من صعوبة العمل وقروسة البرد إلا أنه يحب هذا المكان الذي يشكل ارث عائلته أبا عن جد. على الرغم من قضاء خالد في عمله هذا ساعات طويلة ومتعبة, إلا أنه مجبر أن يعيل زوجته وطفله الصغير وليوفر لهم قوت يومهم.